قراءة نقدية للناقد// الأستاذ محمود كيلان
عن ومضة: أم
جفِّت القلوب؛ تفجرت ينابيع عذوبتها.
للكاتبة هويدا عبدالعزيز
كل الشكر والتقدير للناقد الاستاذ محمود كيلان
……………………………………………
قراءة نقدية في ومضة
…
أم
جفّت القلوب؛ تفجرت ينابيع عذوبتها.
للكاتبة المبدعة هويدا عبد العزيز .
-----------------------------------------------------------------------------
**يأتي العنوان فاتحةً جذابةً نحو عوالم الومضة، فرغم تكرار هذا العنوان في الكثير من القصص و الومضات إلا أن لهذين الحرفين قدسيّةٌ خاصة تجعلان من القارئ لا يمل من سماع إيقاعِهما الجميل، و لقد جاءت به الكاتبةُ اسماً نكرةً فهي تريد العموم و الشمولية الدلالية و عدم حصر الدلالة في إطارٍ ضيّق.
**المتن: و تبدأ الكاتبة الشطر الأول من ومضتها بالفعل الماضي بصيغة المؤنّث (جفّتْ) و هو فعلٌ لازمٌ مصدره جفاف و جُفُوفٌ. نقول: - جَفَّتِ الأَرْضُ : يَبِسَتْ بَعْدَ نَدىً. وجَفَّ، المِدَادُ : نَشَفَ. و جَفَّتِ البِئْرُ : لَمْ يَعُدْ فِيهَا مَاءٌ، فالمعنى له صلة وثيقة بالقحط و اليباس و نفاد الخير، و لعلّ هذا القحط و اليباس يزداد وطأةً عندما يتعلق ذلك بالمشاعر و الأحاسيس، فما أصعب أن تنضب المحبة في القلوب!. و هنا تضعنا الكاتبة أمام مصراعي بابٍ مفتوحين للمجهول، فأيّ القلوب هي التي أصابها الجفاف، و ماذا أرادت من هذا اليباس؟ فلربما جفّت قلوب الأبناء و تركوا برّها، و هذا احتمالٌ أول، و الاحتمال الثاني أن تكون المحبة قد جفّت من قلوب الناس جميعاً و صارت الأم و أبناؤها ضحايا للنزعة المادية و الأنانية و اللا إنسانية التي عمّت و انتشرت في زماننا.
و يأتي الشطر الثاني من الومضة ملتفّاً عائداً باتجاه الشطر الأول بل و يتجاوزه ليصل العنوان، و ذلك من خلال الضمير في آخر الومضة ف (ها) الضمير المتصل بأخر كلمات الومضة إنما هو تكرارٌ غيرُ لفظيّ للعنوان، و هو جانبٌ إيجابيّ يُحسب للكاتبة و يعبّر عن خبرتها في صياغة الومضة الجيدة.
و تكمن الدهشةُ في النتيجة، حيث يتحقق المعنى في قول الشاعر (و بضدها تتميّزُ الأشياءُ)، فجفاف القلوب قابله تفجّر ينابيع العذوبة، و لعل الكاتبة أرادت بالعذوبةِ المحبةَ و العطاء، فالينابيعُ تعطي أغلى ما في الحياة بدون ثمن أو مقابل..
ملخّصُ القول: لقد جاءت الومضةُ مكثّفة،ً و قد حققت الشروط الفنيّة و اللغوية، و لم تخلُ من الإدهاشِ المفارقةِ بين الشطرين