كالقطارِ المزدحمِ لا تدري إلىٰ أين يشد الرحال بك؟! مَن يسَافر علىٰ متْنِكَ ومن ينَزلُ؟ من تَعارُفوا عليكَ ، استقبلوا وودعوا، مِن أين يأتي شَخير فلاح طَحنه التعب ، عَبَسَ عَاملٌ يَقضمُ كِسرَةَ خُبزَ وحيدة ويبدأ في سَردِصَوْلاته وجَوْلاته، ضحكة مجنونة أنهكتْ صاحبها من خلف الجريدة، ورقة حظ يلقيها عليك بائع متجول. أنتَ مثقلٌ بأَشياءٍ لا تَعنِيكَ.  تنسى كم حُمِلت - همومَ البشر شقائهم و سعادتهم، أحلام القرى و النجوع حيث البنايات الشاهقة في المدن البعيدة ، تحتوى رغبة صغارهم وأماني كبارهم في حياة كريمة . لاتذكر سوى إنك كتلة متبلدة المشاعرمجرد آلة تعتقد أنها ستنجو من صدأ  الأيام ...تسير بحجم خطين متوازين ، لا تعبأ بقطعان الماشية التي تعتبرها، أسراب الطيور التي تظلك، التفات الشجر حولك، تقطع أحلام النيل من الشرفات الممتدة بطول الطريق تبوح بتنهيدة متقطعة كسحابة سوداء أرهقها المسافات فتتلاشى في رِكاب الزحام .صفارة تلو الأخرى تعلن عن موعد وصولك وهيهات أنـْ تجد جزاء أو ثناء لك الآن أن ترتاح من عَـناءِ  السفـــرِ .أنت هناك وأنا هنا.أراقبُ رحيلكَ بلا وداع وأرتقب وصولك دون موعد ولا أذكر منك عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم أو حادث أودى بحياتهم ... بلا رحمة أو واجب عزاء بلا اعتذار وأسف، تعاود دون أدنى شفقة؛ العمل. ومهما اشتدَّت شناعة فعلك، تجبرت واستصغرت ذنبك. في كل محطات العمر لنا رسالة و أجمل الرسالات التى تحمل طيب  النفوس، كذا انتظرت على يقين وإيمان أتحدى  الزمن . ليتهم ما تقدموا  نحوك ،لتصدمهم ليتهم تأخروا عنك لتفوتهم ، مسكين من يحمل ذاكرة، ولا تحمله قدماه، ليتنا جميعا على نفس استقامتك؛ كي نعرف محطتنا الأخيرة ، وحين تعلن صفارة الوصول بعد قليل ستأتي مزدحما وترحل مزدحما ويمضي العمر ....

تم عمل هذا الموقع بواسطة