بَيانِ شِرْكِ أهْلِ الكِتابَ
سورة التوبة 30-33
اليهود     النصارى الفرق الباطنيةالشيعة الامامية 
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله

أحبار اليهودالرهبان الامامية 
قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُون 30اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ 31يريدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 32هو الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ 33 

وقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ اليهـــــــــــود

وقالَتِ النَّصارى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ النصارى

 هو الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ الشيعة الامامية) 


 . ورد في فتح القدير للشوكاني .

﴿وقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ لِبَيانِ شِرْكِ أهْلِ الكِتابَيْنِ، وعُزَيْرٌ مُبْتَدَأٌ وابْنُ اللَّهِ خَبَرُهُ، وقَدْ قَرَأ عاصِمٌ، والكِسائِيُّ " عُزَيْرٌ " بِالتَّنْوِينِ، وقَرَأ الباقُونَ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ لِاجْتِماعِ العُجْمَةِ والعَلَمِيَّةِ فِيهِ.ومَن قَرَأ بِالتَّنْوِينِ فَقَدْ جَعَلَهُ عَرَبِيًّا، وقِيلَ: إنَّ سُقُوطَ التَّنْوِينِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مُمْتَنِعًا، بَلْ لِاجْتِماعِ السّاكِنِينَ، ومِنهُ قِراءَةُ مَن قَرَأ: ﴿قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ﴾ ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ وظاهِرُ


 قَوْلِهِ: ﴿وقالَتِ اليَهُودُ﴾ إنَّ هَذِهِ المَقالَةَ لِجَمِيعِهِمْ، وقِيلَ: هو لَفْظٌ خَرَجَ عَلى العُمُومِ، ومَعْناهُ الخُصُوصُ لِأنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلّا البَعْضُ مِنهم.وقالَ النَّقّاشُ: لَمْ يَبْقَ يَهُودِيٌّ يَقُولُها ؟ بَلْ قَدِ انْقَرَضُوا، وقِيلَ: إنَّهُ قالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ جَماعَةٌ مِنهم، فَنَزَلَتِ الآيَةُ مُتَضَمِّنَةً لِحِكايَةِ ذَلِكَ عَنِ اليَهُودِ، لِأنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ لازِمٌ لِجَمِيعِهِمْ.


قَوْلُهُ: ﴿وقالَتِ النَّصارى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ قالُوا هَذا لَمّا رَأوْا مِن إحْيائِهِ المَوْتى مَعَ كَوْنِهِ مِن غَيْرِ أبٍ، فَكانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِهَذِهِ المَقالَةِ.


والأُولى: أنْ يُقالَ: إنَّهم قالُوا هَذِهِ المَقالَةَ لِكَوْنِ في الإنْجِيلِ وصْفُهُ تارَةً بِابْنِ اللَّهِ وتارَةً بِابْنِ الإنْسانِ، كَما رَأيْنا ذَلِكَ في مَواضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الإنْجِيلِ، ولَمْ يَفْهَمُوا أنَّ ذَلِكَ لِقَصْدِ التَّشْرِيفِ والتَّكْرِيمِ، أوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهم أنَّ ذَلِكَ مِن تَحْرِيفِ سَلَفِهِمْ لِغَرَضٍ مِنَ الأغْراضِ الفاسِدَةِ؛ قِيلَ: وهَذِهِ المَقالَةُ إنَّما هي لِبَعْضِ النَّصارى لا لِكُلِّهِمْ.قَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ قَوْلُهم بِأفْواهِهِمْ﴾ الإشارَةُ إلى ما صَدَرَ عَنْهم مِن هَذِهِ المَقالَةِ الباطِلَةِ.ووَجْهُ قَوْلِهِمْ بِأفْواهِهِمْ مَعَ العِلْمِ بِأنَّ القَوْلَ لا يَكُونُ إلّا بِالفَمِ، بِأنَّ هَذا القَوْلَ لَمّا كانَ ساذَجًا لَيْسَ فِيهِ بَيانٌ ولا عَضَّدَهُ بِرِهانٌ كانَ مُجَرَّدَ دَعْوى، لا مَعْنى تَحْتَها، فارِغَةٍ صادِرَةٍ عَنْهم صُدُورَ المُهْمَلاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيها إلّا كَوْنُها خارِجَةً مِنَ الأفْواهِ، غَيْرَ مُفِيدَةٍ لِفائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِها، وقِيلَ: إنَّ ذِكْرَ الأفْواهِ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ كَما في " كَتَبْتُ بِيَدِي ومَشَيْتُ بِرِجْلِي "، ومِنهُ -:


 ﴿يَكْتُبُونَ الكِتابَ بِأيْدِيهِمْ﴾ قَوْلُهُ - تَعالى ( البَقَرَةِ: ٧٩ ) وقَوْلُهُ: ﴿ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ﴾ ( الأنْعامِ: ٣٨ ) 


.وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّ اللَّهَ - سُبْحانَهُ - لَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا مَقْرُونًا بِذِكْرِ الأفْواهِ والألْسُنِ إلّا وكانَ قَوْلًا زُورًا كَقَوْلِهِ: ﴿يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ ( آلِ عِمْرانَ: ١٦٧ ) وقَوْلِهِ: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِن أفْواهِهِمْ﴾ ( الكَهْفِ: ٥ ) وقَوْلِهِ: ﴿يَقُولُونَ بِألْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ ( الفَتْحِ: ١١ ) .قَوْلُهُ: ﴿يُضاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ المُضاهاةُ: المُشابِهَةُ، قِيلَ: ومِنهُ قَوْلُ العَرَبِ " امْرَأةٌ ضَهْياءُ "، وهي الَّتِي لا تَحِيضُ لِأنَّها شابَهَتِ الرِّجالَ.قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: مَن قالَ يُضاهِئُونَ مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمُ امْرَأةٌ ضَهْياءُ فَقَوْلُهُ خَطَأٌ؛ لِأنَّ الهَمْزَةَ في ضاهَأ أصْلِيَّةٌ، وفي ضَهْياءَ زائِدَةٌ كَحَمْراءَ، وأصْلُهُ يُضاهِئُونَ وامْرَأةٌ ضَهْياءُ.


ومَعْنى مُضاهاتِهِمْ لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا، فِيهِ أقْوالٌ لِأهْلِ العِلْمِ: الأوَّلُ: أنَّهم شابَهُوا بِهَذِهِ المَقالَةِ عَبَدَةَ الأوْثانِ في قَوْلِهِمْ واللّاتِ والعُزّى ومَناةَ ( بَناتُ اللَّهِ ) .القَوْلُ الثّانِي: أنَّهم شابَهُوا قَوْلَ مَن يَقُولُ مِنَ الكافِرِينَ: إنَّ المَلائِكَةَ بَناتُ اللَّهَ.القَوْلُ الثّالِثُ: أنَّهم شابَهُوا أسْلافَهُمُ القائِلِينَ بِأنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ وأنَّ المَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: ﴿قاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ دُعاءٌ عَلَيْهِمْ بِالهَلاكِ؛ لِأنَّ مَن قاتَلَهُ اللَّهُ هَلَكَ، وقِيلَ: هو تَعَجُّبٌ مِن شَناعَةِ قَوْلِهِمْ وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: «أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَلّامُ بْنُ مِشْكَمٍ ونُعْمانُ بْنُ أوْفى وأبُو أنَسٍ وشاسُ بْنُ قَيْسٍ ومالِكُ بْنُ الصَّيْفِ فَقالُوا: كَيْفَ نَتَّبِعُكَ وقَدْ تَرَكْتَ قِبْلَتَنا وأنْتَ لا تَزْعُمُ أنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وقالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾» الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ قالَ: كُنَّ نِساءُ بَنِي إسْرائِيلَ يَجْتَمِعْنَ بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّينَ ويَعْتَزِلْنَ ويَذْكُرُونَ ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَنِي إسْرائِيلَ وما أعْطاهم، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ شَرَّ خَلْقِهِ بُخَتُنَصَّرَ، فَحَرَقَ التَّوْراةَ وخَرَّبَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وعُزَيْرٌ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ، فَقالَ عُزَيْرٌ: أوَكانَ هَذا ؟ فَلَحِقَ بِالجِبالِ والوَحْشِ فَجَعَلَ يَتَعَبَّدُ فِيها، وجَعْلَ لا يُخالِطُ النّاسَ، فَإذا هو ذاتُ يَوْمٍ بِامْرَأةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، قالَ: يا أُمَّهْ، اتَّقِ اللَّهَ واحْتَسِبِي واصْبِرِي أمّا تَعْلَمِينَ أنَّ سَبِيلَ النّاسِ إلى المَوْتِ ؟فَقالَتْ: يا عُزَيْرُ أتَنْهانِي أنْ أبْكِيَ وأنْتَ قَدْ خَلَّفْتَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَحِقْتَ بِالجِبالِ والوَحْشِ ؟ ثُمَّ قالَتْ: إنِّي لَسْتُ بِامْرَأةٍ ولَكِنِّي الدُّنْيا، وإنَّهُ سَيَنْبُعُ في مُصَلّاكَ عَيْنٌ وتَنْبُتُ شَجَرَةٌ، فاشْرَبْ مِن ماءِ العَيْنِ وكُلْ مِن ثَمَرِ الشَّجَرَةِ، فَإنَّهُ سَيَأْتِيكَ مَلَكانِ فاتْرُكْهُما يَصْنَعانِ ما أرادا، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ نَبَعَتِ العَيْنُ ونَبَتَتِ الشَّجَرَةُ، فَشَرِبَ مِن ماءِ العَيْنِ، وأكَلَ مِن ثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ، وجاءَ مَلَكانِ ومَعَهُما قارُورَةٌ فِيها نُورٌ فَأوْجَراهُ ما فِيها فَألْهَمَهُ اللَّهُ التَّوْراةَ، فَجاءَ فَأمْلاهُ عَلى النّاسِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، تَعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا فَذَكَرَ قِصَّةً وفِيها: أنْ عُزَيْرًا سَألَ اللَّهَ بَعْدَ ما أنْسى بَنِي إسْرائِيلَ التَّوْراةَ ونَسَخَها مِن صُدُورِهِمْ، أنْ يَرُدَّ الَّذِي نَسَخَ مِن صَدْرِهِ، فَبَيْنَما هو يُصَلِّي نَزَلَ نُورٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - فَدَخَلَ جَوْفَهُ، فَعادَ إلَيْهِ الَّذِي كانَ ذَهَبَ مِن جَوْفِهِ مِنَ التَّوْراةِ، فَأذَّنَ في قَوْمِهِ فَقالَ: يا قَوْمُ قَدْ آتانِي اللَّهُ التَّوْراةَ ورَدَّها إلَيَّ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ كَعْبٍ قالَ: دُعاءُ عُزَيْرٍ رَبَّهُ أنْ يُلْقِيَ التَّوْراةَ كَما أنْزَلَ عَلى مُوسى في قَلْبِهِ، فَأنْزَلَها اللَّهُ عَلَيْهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ قالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ،، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: ثَلاثٌ أشُكُّ فِيهِنَّ: فَلا أدْرِي عُزَيْرٌ كانَ نَبِيًّا أمْ لا ؟ ولا أدْرِي ألُعِنَ تُبَّعٌ أمْ لا ؟ قالَ: ونَسِيتُ الثّالِثَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: يُضاهِئُونَ: قالَ: يُشْبِهُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: " قاتَلُهُمُ اللَّهُ " قالَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ وكُلُّ شَيْءٍ في القُرْآنِ قَتْلٌ فَهو لَعْنٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ،، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنَهُ وابْنُ المُنْذِرِ ]، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ، قالَ:
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ قالَ: كُنَّ نِساءُ بَنِي إسْرائِيلَ يَجْتَمِعْنَ بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّينَ ويَعْتَزِلْنَ ويَذْكُرُونَ ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَنِي إسْرائِيلَ وما أعْطاهم،
 ثُمَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ شَرَّ خَلْقِهِ بُخَتُ نَصَّرَ، فَحَرَقَ التَّوْراةَ وخَرَّبَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وعُزَيْرٌ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ، فَقالَ عُزَيْرٌ: أوَكانَ هَذا ؟ فَلَحِقَ بِالجِبالِ والوَحْشِ فَجَعَلَ يَتَعَبَّدُ فِيها، وجَعْلَ لا يُخالِطُ النّاسَ، فَإذا هو ذاتُ يَوْمٍ بِامْرَأةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، قالَ: يا أُمَّهْ، اتَّقِي اللَّهَ واحْتَسِبِي واصْبِرِي أمّا تَعْلَمِينَ أنَّ سَبِيلَ النّاسِ إلى المَوْتِ ؟ فَقالَتْ: يا عُزَيْرُ أتَنْهانِي أنْ أبْكِيَ وأنْتَ قَدْ خَلَّفْتَ بَنِي إسْرائِيلَ ولَحِقْتَ بِالجِبالِ والوَحْشِ ؟ ثُمَّ قالَتْ: إنِّي لَسْتُ بِامْرَأةٍ ولَكِنِّي الدُّنْيا، وإنَّهُ سَيَنْبُعُ في مُصَلّاكَ عَيْنٌ وتَنْبُتُ شَجَرَةٌ، فاشْرَبْ مِن ماءِ العَيْنِ وكُلْ مِن ثَمَرِ الشَّجَرَةِ، فَإنَّهُ سَيَأْتِيكَ مَلَكانِ فاتْرُكْهُما يَصْنَعانِ ما أرادا، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ نَبَعَتِ العَيْنُ ونَبَتَتِ الشَّجَرَةُ، فَشَرِبَ مِن ماءِ العَيْنِ، وأكَلَ مِن ثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ، وجاءَ مَلَكانِ ومَعَهُما قارُورَةٌ فِيها نُورٌ فَأوْجَراهُ ما فِيها فَألْهَمَهُ اللَّهُ التَّوْراةَ، فَجاءَ فَأمْلاهُ عَلى النّاسِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، تَعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا فَذَكَرَ قِصَّةً وفِيها: أنْ عُزَيْرًا سَألَ اللَّهَ بَعْدَ ما أنْسى بَنِي إسْرائِيلَ التَّوْراةَ ونَسَخَها مِن صُدُورِهِمْ، أنْ يَرُدَّ الَّذِي نَسَخَ مِن صَدْرِهِ، فَبَيْنَما هو يُصَلِّي نَزَلَ نُورٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - فَدَخَلَ جَوْفَهُ، فَعادَ إلَيْهِ الَّذِي كانَ ذَهَبَ مِن جَوْفِهِ مِنَ التَّوْراةِ، فَأذَّنَ في قَوْمِهِ فَقالَ: يا قَوْمُ قَدْ آتانِي اللَّهُ التَّوْراةَ ورَدَّها إلَيَّ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، 


عَنْ كَعْبٍ قالَ: دُعاءُ عُزَيْرٍ رَبَّهُ أنْ يُلْقِيَ التَّوْراةَ كَما أنْزَلَ عَلى مُوسى في قَلْبِهِ، فَأنْزَلَها اللَّهُ عَلَيْهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ قالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ..

 عَنْ أبِي البَحْتَرِيِّ قالَ: سَألَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ فَقالَ: أرَأيْتَ قَوْلَهُ: ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهم ورُهْبانَهم أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ﴾ 


أكانُوا يَعْبُدُونَهم ؟ قالَ: لا ولَكِنَّهم كانُوا إذا أحَلُّوا لَهم شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وإذا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، قالَ: أحْبارُهم قُرّاؤُهم، ورُهْبانُهم عُلَماؤُهم.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ:
 
الأحْبارُ مِنَ اليَهُودِ، والرُّهْبانُ مِنَ النَّصارى.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ أيْضًا، عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ عِياضٍ قالَ:
 الأحْبارُ العُلَماءُ، والرُّهْبانُ العُبّادُ.
وأخْرَجَ أيْضًا، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ:
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، قالَ: أحْبارُهم قُرّاؤُهم، ورُهْبانُهم عُلَماؤُهم..

وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الضَّحّاكِ، في قَوْلِهِ:
﴿يُرِيدُونَ أنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأفْواهِهِمْ﴾ يَقُولُ: يُرِيدُونَ أنْ يَهْلِكَ مُحَمَّدٌ وأصْحابُهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ،.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، ﴿هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى﴾ يَعْنِي بِالتَّوْحِيدِ والإسْلامِ والقُرْآنِ.

 ورد في تفسير القرطبي الجامع لاحكام القرآن 

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ﴾ يُرِيدُ مُحَمَّدًا ﷺ.
(بِالْهُدى أَيْ بِالْفُرْقَانِ.
(وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ أَيْ بِالْحُجَّةِ وَالْبَرَاهِينِ. وَقَدْ أَظْهَرَهُ عَلَى شَرَائِعِ الدين حتى لا يخفى عليه شي مِنْهَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: "لِيُظْهِرَهُ" أَيْ لِيُظْهِرَ الدِّينَ دِينَ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ دِينٍ.
 قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالضَّحَّاكُ: هَذَا عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ذَاكَ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ، لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ أَدَّى الْجِزْيَةَ. وَقِيلَ: الْمَهْدِيُّ هُوَ عِيسَى فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الصِّحَاحَ قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ عِتْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى عِيسَى. وَالْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ فِي أَنَّهُ (لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى) غَيْرُ صَحِيحٍ. 

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ: لِأَنَّ رَاوِيَهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ، يَرْوِي عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ- وَهُوَ مَتْرُوكٌ- عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي قَبْلَهُ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ، وَفِيهَا بَيَانُ كَوْنِ الْمَهْدِيِّ مِنْ عِتْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَصَحُّ إِسْنَادًا. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْنَا هَذَا وَزِدْنَاهُ بَيَانًا فِي كِتَابِنَا (كِتَابِ التَّذْكِرَةِ) وَذَكَرْنَا أَخْبَارَ الْمَهْدِيِّ مُسْتَوْفَاةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" فِي جزيرة العرب وقد فعل . 


 التحرير والتنوير لابن عاشور ورد فيه : 
بَيانٌ لِجُمْلَةِ
 ﴿ويَأْبى اللَّهُ إلّا أنْ يُتِمَّ نُورَهُ﴾ [التوبة: ٣٢] 


بِأنَّهُ أرْسَلَ رَسُولَهُ بِهَذا الدِّينِ، فَلا يُرِيدُ إزالَتَهُ، ولا يَجْعَلُ تَقْدِيرَهُ باطِلًا وعَبَثًا. وفي هَذا البَيانِ تَنْوِيهٌ بِشَأْنِ الرَّسُولِ بَعْدَ التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الدِّينِ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ﴾ صِيغَةُ قَصْرٍ، أيْ هو لا غَيْرُهُ أرْسَلَ رَسُولَهُ بِهَذا النُّورِ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ مُعانِدِيهِ يُطْفِئُونَهُ.
واجْتِلابُ اسْمُ المَوْصُولِ: لِلْإيماءِ إلى أنَّ مَضْمُونَ الصِّلَةِ عِلَّةٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَيْها هَذِهِ الجُمْلَةُ وهي جُمْلَةٌ 


﴿ويَأْبى اللَّهُ إلّا أنْ يُتِمَّ نُورَهُ﴾ [التوبة: ٣٢]
وعَبَّرَ عَنِ الإسْلامِ ﴿بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ﴾ تَنْوِيهًا بِفَضْلِهِ، وتَعْرِيضًا بِأنَّ ما هم عَلَيْهِ لَيْسَ بِهُدًى ولا حَقٍّ.
وفِعْلُ الإظْهارِ إذا عُدِّيَ بِـ عَلى كانَ مُضَمَّنًا مَعْنى النَّصْرِ، أوِ التَّفْضِيلِ، أيْ لِيَنْصُرَهُ عَلى الأدْيانِ كُلِّها، أيْ لِيَكُونَ أشْرَفَ الأدْيانِ وأغْلَبَها، ومِنهُ المُظاهَرَةُ أيِ المُناصَرَةُ، وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُها آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿ولَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكم أحَدًا﴾ [التوبة: ٤]
فالإسْلامُ  أشْرَفَ الأدْيانِ: لِأنَّ مُعْجِزَةَ صِدْقِهِ القُرْآنُ، وهو مُعْجِزَةٌ تُدْرَكُ بِالعَقْلِ، ويَسْتَوِي في إدْراكِ إعْجازِها جَمِيعُ العُصُورِ، ولِخُلُوِّ هَذا الدِّينِ عَنْ جَمِيعِ العُيُوبِ في الِاعْتِقادِ والفِعْلِ، فَهو خَلِيٌّ عَنْ إثْباتِ ما لا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعالى، وخَلِيٌّ عَنْ وضْعِ التَّكالِيفِ الشّاقَّةِ، وخَلِيٌّ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الإعْراضِ عَنِ اسْتِقامَةِ نِظامِ العالَمِ، وقَدْ فَصَّلْتُ ذَلِكَ في الكِتابِ الَّذِي سَمَّيْتُهُ أُصُولَ النِّظامِ الِاجْتِماعِيِّ في الإسْلامِ.
وظُهُورُ الإسْلامِ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ حَصَلَ في العالَمِ بِاتِّباعِ أهْلِ المِلَلِ إيّاهُ في سائِرِ الأقْطارِ، بِالرَّغْمِ عَلى كَراهِيَةِ أقْوامِهِمْ وعُظَماءِ مِلَلِهِمْ ذَلِكَ، ومُقاوَمَتِهِمْ إيّاهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ ومَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ وعَلا وبانَ فَضْلُهُ عَلى الأدْيانِ الَّتِي جاوَرَها وسَلامَتُهُ مِنَ الخُرافاتِ والأوْهامِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِها، وما صَلُحَتْ بَعْضُ أُمُورِهِمْ إلّا فِيما حاكَوْهُ مِن أحْوالِ المُسْلِمِينَ وأسْبابِ نُهُوضِهِمْ، ولا يَلْزَمُ مِن إظْهارِهِ عَلى الأدْيانِ أنْ تَنْقَرِضَ تِلْكَ الأدْيانُ.
ولَوْ في ﴿ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ وصَلْيَةٌ مِثْلَ الَّتِي في نَظِيرَتِها. 
وذُكِرَ المُشْرِكُونَ هُنا لِأنَّ ظُهُورَ دِينِ الإسْلامِ أشَدُّ حَسْرَةٍ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ أُمَّةٍ؛ لِأنَّهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِمُعارَضَتِهِ وعَداوَتِهِ ودَعَوُا الأُمَمَ لِلتَّألُّبِ عَلَيْهِ واسْتَنْصَرُوا بِهِمْ فَلَمْ يُغْنُوا عَنْهم شَيْئًا، ولِأنَّ أتَمَّ مَظاهِرِ انْتِصارِ الإسْلامِ كانَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ وهي دِيارُ المُشْرِكِينَ لِأنَّ الإسْلامَ غَلَبَ عَلَيْها، وزالَتْ مِنها جَمِيعُ الأدْيانِ الأُخْرى، وقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لا يَبْقى دِينانِ في جَزِيرَةِ العَرَبِ» فَلِذَلِكَ كانَتْ كَراهِيَةُ المُشْرِكِينَ ظُهُورَهُ مَحِلَّ المُبالِغَةِ في أحْوالِ إظْهارِهِ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ كَما يَظْهَرُ بِالتَّأمُّلِ 

ورد في الدر المنثور جلال الدين السيوطي

 أخْرَجَ أحْمَدُ، ومُسْلِمٌ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حَتّى تُعْبَدَ اللّاتُ والعُزّى، فَقالَتْ عائِشَةُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ أظُنُّ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ أنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ تامًّا فَقالَ: إنَّهُ سَيَكُونُ مِن ذَلِكَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَيُتَوَفّى مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مَن خَيْرٍ فَيَبْقى مَن لا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ جابِرٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ قالَ: إذا خَرَجَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ اتَّبَعَهُ أُهْلُ كُلِّ دِينٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ
والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ. قالَ: لا يَكُونُ ذَلِكَ حَتّى لا يَبْقى يَهُودِيٌّ ولا نَصْرانِيٌّ ولا صاحِبُ مِلَّةٍ إلّا الإسْلامُ وحَتّى تَأْمَنَ الشّاةُ الذِّئْبَ والبَقَرَةُ الأسَدَ والإنْسانُ الحَيَّةَ وحَتّى لا تَقْرِضَ فَأْرَةٌ جِرابًا، وحَتّى تُوضَعَ الجِزْيَةُ ويُكْسَرَ الصَّلِيبُ، ويُقْتَلَ الخِنْزِيرُ، وذَلِكَ إذا نَزَلَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ قالَ: الأدْيانُ سِتَّةٌ، الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصّابِئِينَ والنَّصارى والمَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا. [الحَجِّ: ١٧]

 فالأدْيانُ كُلُّها تَدْخُلُ في دِينِ الإسْلامِ والإسْلامُ لا يَدْخُلُ في شَيْءٍ مِنها، فَإنَّ اللَّهَ قَضى فِيما حَكَمَ وأنْزَلَ أنْ يُظْهِرَ دِينَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ قالَ: خُرُوجُ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. 


تم عمل هذا الموقع بواسطة