زهرة بنت شغوفة تهوى الإطلاع، تحب أمها كثيرا، اعتادا على قراءة جزء من قصار السور قبل أن تنام، وفي يوم ، أطفأت الأم نور الحجرة، أنارت زهرة "سهارتها" تناولت كتابا عن الطبيعة، جلست تتأمل جمال الألوان، تمنت أن تحلق كالطيور، وتقف كالعصافير على الأشجار، وأن تلامس السماء وترسم قوس قزح .

     غرقت بمخيلتها في التفاصيل الصغيرة

أين الله ؟

أجابتها السماء؛ مرحبا يا صديقتي الصغيرة، الله فوقي، فوق سبع سماوات، وهو من خلقني وخلق البحار والجبال ، هل تستطيعين ملامستي؟

     أجابت زهرة : لا ، أنت كبيرة..كبيرة جدا.

وماذا تفعلين؟ ردت السماء بابتسامة جميلة أحمل القمر والشمس والنجوم وأحمي الأرض  ويسير المطر تحتي ليروي الأرض، ما أعظم صنع الله ! 

   ردت زهرة : ما أعظم خلق الله ! سارت زهرة مسافة لا بأس بها، أحسست بالتعب، سأجلس تحت هذه الشجرة، نظرت زهرة إلى الشجرة ، حاولت أن تصعد فوق أغصانها لتتناول بعض ثمارها، لكنها لم تستطع ، نظرت إليها مبتسمة ، ماذا تفعلين يا صغيرتي؟ أجابتها : معذرة توتي هل أستطيع أن أسألك عن الله؟ 

    أجابتها : نعم.

إن استطعت أن تعدي أوراقي سأخبرك أين الله ؟!

نظرت إليها بتعجب، إنها كثيرة كثيرة جدا، كذلك ألوانها كثيرة ، سأطلب المساعدة ، نظرت حولها فلم تجد إلا شجرة الصفصاف العجوز، مرحبا بك يا صديقتي هل تستطيعين أن تعدي معي أوراق شجرة التوت؟ قالت : أعجز أن أعدها، فأنا عجوز وعيني لم تعد تقوى على الرؤيا.

جلست زهرة تستظل من الحر، وقد احتارت في أمرها، قالت التوتة : لا تحزني يا زهرة، الله هو من مد أغصاني في السماء، وجذوري في الأرض وهو من يرعاني وإليه أعود.

   الله في خلقي وفي أوراقي وجذوري وامتدادي وظلي وفي كل شيء يكون إذا، لماذا تسألين عن الله؟

قالت : لأطلب منه أن يعيد لي أبي .

قالت التوتة بهدوء : أغمضي عينيك ، أنت لا  ترينه وهو فقط يراك. أغمضت زهرة عينيها وغفت على صفحة الكتاب، لتجد والدها يعانقها بكل اشتياق : زهرتي ماذا تمنيت؟

قالت : في سر قلبي ؟

أحب الله يا أبي ؟!

تم عمل هذا الموقع بواسطة